قالت الطبيبة المتخصصة في الأمراض العصبية والنفسية، سارة اتويرسي، إن التشخيص المبكر والتكفل السريع بالأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد، يمكنان من تسجيل تحسن كبير لدى أغلب الحالات.
وأكدت المتخصصة في العلاج المعرفي والسلوكي بمناسبة الاحتفال بشهر التوعية باضطراب طيف التوحد في أبريل من كل عام، أن المقاربة العلاجية ترتكز على المواكبة متعددة التخصصات للطفل التوحدي، وتبتدئ بالتشخيص المبكر والدقيق من خلال إجراء مجموعة من الاختبارات لمعرفة نوع الاضطراب الذي يعاني منه الطفل، وهو ما يتيح للطبيب المعالج معرفة الأمور التي ينبغي التركيز عليها.
وأبرزت أنه يتعين أيضا التأكد من عدم إصابة الطفل بأمراض عضوية أخرى، ولاسيما الصرع وفرط الحركة وقلة التركيز التي يمكن أن تكون مرافقة للتوحد، قبل مباشرة مرحلة المواكبة التي تحتاج لمعالجين مختصين في النطق والحركة، يرتكز دورهم على إعادة التأهيل بهدف إرساء عادات جديدة لدى الطفل التوحدي.
وسجلت الأخصائية أن الزيادة الكبيرة في حالات الإصابة بطيف التوحد المسجلة خلال السنوات الأخيرة تعزى بالأساس إلى الوعي المتنامي بهذا الاضطراب، حيث أصبحت الأسر أكثر يقظة تجاه الأعراض الغريبة التي تثير انتباهها وتدفعها للتوجه بسرعة إلى طبيب الأطفال الذي يوجهها بدوره نحو الطبيب المختص، وبذلك زادت عمليات التشخيص وأضحت مواكبة هؤلاء الأطفال تحتل شقا مهما ضمن اهتمام الأسر.
وشددت بهذا الخصوص على أن “التدخل الرئيسي من جانب الوالدين يعد وقائيا، فاليقظة والانتباه إلى الأعراض يساعدان على التشخيص المبكر ، الذي يعد أمرا مهما للغاية لبدء عملية التكفل بشكل سريع”.
وأوضحت سارة اتويرسي أن “التوحد” مصطلح مبسط إلى حد ما للحديث عن اضطرابات طيف التوحد، التي تكون ناتجة عن اضطراب في النمو العصبي، وهو ما يفسر ظهورها منذ الطفولة المبكرة، مضيفة أن الإحصائيات أظهرت أن الذكور أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب مقارنة بالإناث، بمعدل 5 ذكور مقابل أنثى واحدة.
وبخصوص أعراض الإصابة بالتوحد، أكدت الأخصائية أنه يتعين على الأبوين أن يكونا يقظين دائما إزاء سلوكات أبنائهم من أجل ملاحظة أي قصور على مستوى التواصل الاجتماعي وتفاعلهم مع المحيطين بهم، أو عدم الاستجابة عند المناداة عليهم، حيث يتم أحيانا الخلط بين التوحد وبين الصمم. وأضافت أن الطفل المصاب باضطراب طيف التوحد يقوم بسلوكات قد تكون مضرة أحيانا، ويقوم بتكرارها باستمرار.
أما العوامل المؤدية للإصابة بهذا الاضطراب، فأكدت الأخصائية أن الدراسات العلمية لم تكشف حتى الآن عن الأسباب الحقيقية للإصابة، غير أنها حددت في المقابل بعض عوامل الخطر، وخاصة العوامل الوراثية والبيولوجية والبيئية.
وسجلت في السياق ذاته، أن دراسات حديثة كشفت أن التعرض للشاشات بمختلف أنواعها (تلفاز، هواتف..) في سن مبكرة ولمدة طويلة يزيد من خطر الإصابة بهذا الاضطراب لدى الأطفال في سن 3 سنوات، وذلك لكونها تتسبب في التقليل من التواصل الاجتماعي للطفل الذي يصبح انطوائيا أكثر ويقوم ببعض التصرفات ذات الطابع التوحدي.
وخلصت سارة اتويرسي إلى التأكيد على أنه رغم عدم وجود دواء لاضطرابات طيف التوحد، إلا أن المواكبة متعددة التخصصات أثبتت نجاعتها في تحسن أغلب الحالات المصابة بالتوحد، سواء تعلق الأمر بالأطفال أو الكبار.