تعد الخيمة الصحراوية “خيمة الشعر” كفضاء للسكن، منتوجا تقليديا وموروثا أصيلا يحرص أهل الأقاليم الجنوبية للمملكة منها طانطان، على الحفاظ عليه وصيانته من الاندثار؛ باعتباره جزء من الثقافة الحسانية العريقة التي تعد إحدى روافد الهوية المغربية.
وتعتبر تعاونية التحدي الحرفية للنسيج بطانطان، إحدى أهم التعاونيات بالمدينة والأقاليم الجنوبية، في صناعة هذا النوع من الخيام التقليدية الصحراوية، إلى جانب الزربية التقليدية المنسوجة من الصوف، وكذا صناعة الحصير.
كانت البداية سنة 2008 ، حينما كانت نساء التعاونية يشتغلن بعشوائية وفي فضاء بسيط ومفتوح، يعتبر نقطة إنتاج يتم فيه صناعة المنتوج التقليدي الصحراوي، تقول الذهبة النعمان، رئيسة التعاونية التي أشارت إلى أن أغلب النساء اللواتي يعملن في الوحدة متشبعات بهذه الحرفة خاصة أن أغلبهن ينسجن خيمهن بأنفسهن بحكم عيشهن في البادية.
وبحكم انتقال الساكنة الصحراوية من البادية إلى المدينة، تضيف الذهبة، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، ومن أجل حماية هذه الحرفة من الاندثار، قررت هؤلاء النساء التكتل في إطار موحد بالرغم من ضعف الامكانيات في تلك الفترة.
وأشارت إلى أن الانطلاقة الرسمية لبلوغ ما وصلت إليه التعاونية، كانت في سنة 2011 عندما دخلت في شراكة مع وكالة الجنوب ووزارة الصناعة التقليدية، حيث تعد حاليا متخصصة في صناعة زرابي الصوف و خيام “الشعر” المصنوعة من وبر الإبل، و حصير “السمار”.
وأضافت رئيسة التعاونية أنه حاليا، وبحكم التطور ومواكبة العصرنة، أصبحت التعاونية تقوم بإضافة أكسسوارات جديدة، لاسيما أمام الإقبال الذي تحظى به حاليا الخيمة الصحراوية التقليدية والمنتوج التقليدي بصفة عامة، مبرزة أنه تم إضافة صالونات عصرية تقليدية تواكب العصر، مصنوعة من شعر الماعز و وبر الإبل، لكي تكون الخيمة مكتملة.
وقالت إن الإقبال على الخيمة والمنتوج التقليدي، في تزايد مستمر في السنوات الأخيرة، وإن تسويقه تخطى الحدود الوطنية حيث لا يقتصر فقط على السوق الوطنية بل حتى على الصعيد الدولي، مشيرة إلى أن التعاونية سبق لها أن شاركت في قافلة جابت أوروبا عبارة عن منتجع سياحي تقليدي متنقل يضم مختلف المنتوجات التي صنعتها أنامل نساء التعاونية.
وأكدت الذهبة أن عدد الخيام المصنوعة في التعاونية والتي تعتمد على المادة الأولية التي تأتي من البوادي، قد يصل إلى حوالي 120 خيمة في السنة، في الظروف العادية، لكن في ظل الظرفية الحالية التي تطبعها الجائحة، كان الطلب على المنتوج قليلا مقارنة بالسنوات الماضية.
والخيمة باعتبارها أول وحدة اجتماعية يمكن مصادفتها لدى المجتمع الصحراوي، شكلت المسكن والمكان الذي يوفر للإنسان في صحراء المغرب لحظة الاستقرار و الأمان، ورمزا للكرم وحسن الضيافة والبساطة التي تعكس المروءة والجاه عند أهل الصحراء، حتى ظلت تراثا ثقافيا عريقا يتحدى بجماله المعمار الحديث، ويصعب محوه من الذاكرة.