تعيش الأسواق المغربية في الشهور الماضية، على وقع التهاب غير مسبوق في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، على رأسها تلك التي تعتمد على مواد أولية مستوردة، الأمر الذي جعل الأسر الفقيرة والمتوسطة، تعاني الأمرّين وسط اكتفاء الحكومة التي يرأسها عزيز أخنوش، بدور المراقب، في ظل مواصلتها تبرير الوضع بدل طرح الحلول.
وسجلت الأسواق المغربية، ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، حيث ارتفع ثمن زيت المائدة، بنسبة تزيد عن الـ 30 في المائة، وتجاوزت الزيادة في أثمنة المحروقات، الـ 55 في المائة، بعدما انتقل سعر الكازوال من 9.80 في شتنبر من السنة الماضية، إلى أكثر من 14.80 في الأيام القليلة الماضية.
ولم تقتصر الزيادة على المنتوجات المستوردة، أو تلك التي يرتبط إنتاجها بمواد أولية قادمة من خارج البلاد، حيث عرفت أثمنة الخضر والفواكه واللحوم بمختلف أنواعها، ارتفاعاً ملحوظا في الأسعار، بذريعة التكاليف الكبيرة التي بات يتطلها نقلها عبر وسائل النقل، من مناطق الإنتاج إلى الأسواق.
هذا الوضع المتدهور، أكدته مؤخرا مجموعة من التقارير الرسمية، من ضمنها، ما أفادت به المندوبية السامية للتخطيط، التي كشفت أن الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك، سجل ارتفاعا بـ 3.6 في المائة خلال شهر فبراير الماضي، بالمقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2021.
وعزت المندوبية هذا الأمر، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بـ 5.5 في المائة، والمواد غير الغذائية بـ 2.5 في المائة، مبرزةً أن نسب التغير للمواد غير الغذائية تراوحت ما بين استقرار بالنسبة لـ”المواصلات”، وارتفاع قدره 6 في المائة بالنسبة لـ”النقل”.
المندوبية ذاتها، سلطت الضوء على الوضع الراهن، في بحث الظرفية لدى الأسر، الذي رصد من خلاله تراجع مستوى الثقة إلى أدن مستوى له منذ سنة 2008، حيث انخفض إلى 53.7 نقط، عوض 61.2 نقطة التي تم تسجيلها خلال الفصل السابق، و68.3 نقطة، التي سجلت في الفصل الأول من سنة 2021.
وإحصائيات مندوبية التخطيط، فإن 75.6 في المائة، من الأسر المغربية التي شملها البحث، صرحت بأن مستوى المعيشة عرف تدهورا في الـ 12 شهرا الماضية، فيما اعتبرت 15.7 في المائة، أن المستوى مستقر، و8.7 في المائة أنه تحسن، كما توقع 39.1 في المائة من الأسر، أن الوضع، سيواصل التدهور خلال الـ 12 شهرا المقبلة، مقابل 43.3 في المائة، رأوا أنه سيكون مستقرا.
وفي سياق متّصل، طالب فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، في سؤال كتابي وجهه رئيسه رشيد حموني، إلى يونس سكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، بإقرار زيادة “معتبرة” في الأجور، بسبب التدهور الكبير الذي عرفته القدرة المعيشية للمواطنين المغاربة، بالأخص أولئك المنتمين للفئات الهشة والمتوسطة.
وقال حموني، في سؤاله المكتوب لسكوري، إن كافة الشرائح الاجتماعية بالمغرب، ولاسيما الفئات الفقيرة والطبقة المتوسطة، تعيش، بسبب الغلاء الصاروخي في أسعار معظم المواد الأساسية الاستهلاكية، “تدهوراً مُطَّرداً لقدرتها المعيشية”، متابعاً أن هذا الأمر، يؤكده الواقع المعاش، بالإضافة إلى “تقارير ودراسات رسمية مُقلقة”.
وأضاف النائب البرلماني ذاته، أن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، صرح، يوم الإثنين 18 أبريل الجاري، بمجلس النواب، أن الحكومة “عازمة على تحويل الحوار الاجتماعي إلى فضاء لصناعة الحلول، خصوصا في هذا الظرف الاستثنائي، وبلورة الخيارات الاجتماعية التي تتماشى مع الأولويات الاجتماعية”.
كما صرح، وفق حموني، أنَّ “الموارد الجبائية ارتفعت بما يفوق 15 مليار درهم، أي بـزائد 26% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2021″، مردفاً أنه “بناءً على هذه المعطيات، من المفروض على الحكومة أن تتفاعل إيجاباً مع الواقع الاجتماعي المرير، بالنسبة لجميع الفئات الاجتماعية، ولا سيما من خلال إقرار زيادةٍ مُعتبَرة في الأجور، بالنظر إلى الارتفاع المهول الذي تشهده كُلفة المعيشة”.
وفي هذا الصدد، ساءل رئيس فريق التقدم والاشتراكية، الوزير سكوري، عن الشروط التي يتعين على الحكومة توفيرها، والتدابير التي عليها اتخاذها، من أجل الرفع من أجور الموظفين العموميين وكافة الأجراء، بما يتناسب مع هول التهاب الأسعار، ومن أجل إنقاذ فئة عريضة من الطبقة الوُسطى”.